على وقع حراك سياسي غير مسبوق، ثمة بوادر تشير إلى قرب حدوث احتجاجات شعبية بسبب احتقان الشارع اقتصادياً وسياسياً لسنوات، وذلك بموازاة تصدي شخصيات رسمية وازنة للدفاع عن علاقة الأردن الدافئة مع إسرائيل خلال الآونة الأخيرة.
في الوقت ذاته، تقرأ الجهات الرسمية الأردنية بقلق بالغ عودة معارض أردني قديم وشرس من طراز ليث شبيلات إلى الواجهة مجدداً، بعد غياب سنوات عن الشأن السياسي، باستثناء بعض الإطلالات المعدودة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين الفينة والأخرى.
إصلاح لاستعادة أموال الدولة
شبيلات الذي يعتبر أبرز معارض أردني أعلن عودته إلى عمّان قادماً من تركيا، ليقود حراكاً سياسياً عنوانه الإصلاح واستعادة أموال الدولة المنهوبة من قبل رموز الفساد.
وعلى الرغم من سقفه المرتفع وتجاوزه الخطوط الحمراء، وفق مراقبين، فإن شبيلات لم يتعرض لأي مضايقات أمنية بعد انتقاده النظام الأردني ودعوته إلى إجراء إصلاح جذري وحقيقي، على الرغم من تجريم القانون الأردني لمن ينتقد الملك أو يتعرض له، ويعاقبه بالسجن من سنة الى ثلاث سنوات بتهمة إطالة اللسان.
ولا يقتصر الأمر على المعارض شبيلات، إذ تتحضر العديد من العشائر الأردنية لإحياء حراكات احتجاجية على الحال الاقتصادي والسياسي الذي وصلت إليه البلاد، بخاصة بعد إقرار التعديلات الدستورية الأخيرة.
لاحقاً تحول الأمر إلى ما يشبه مبايعة لشبيلات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انتشر وسم #ليث_شبيلات_يمثلني بكثافة على "تويتر".
ولم يوفر شبيلات جماعة الإخوان المسلمين من النقد والهجوم، مطالباً شباب الإخوان بالثورة على قيادتهم وخلعهم.
قلق نخبوي
وسط حال الاحتقان الشعبي بسبب ارتفاع نسب الفقر والبطالة والأسعار والضرائب، تجد هذه الدعوات تجاوباً من قبل فئات كبيرة من الأردنيين الناقمين على السياسات الحكومية، ولا يقتصر القلق على المواطنين الأردنيين بل يتعداه إلى رجالات دولة سابقين عبروا مراراً عن خشيتهم من تدحرج الغضب الشعبي إلى ما لا يحمد عقباه، في موازاة تصنيف المملكة من قبل مؤسسات دولية بأنها باتت دولة قمعية، وتراجعت فيها حقوق الإنسان والحريات، إذ أطلق عدد من رجالات الدولة ورؤساء الحكومات السابقين تحذيرات من أن القادم أسوأ إن استمر نهج إدارة البلاد على ما هو عليه حالياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان ثلاثة من رؤساء الحكومات السابقين، ومن الأسماء المعروفة بولائها المطلق للنظام، أطلقوا تحذيرات وعبروا عن قلقهم من تداعيات المرحلة المقبلة على المملكة، ومن بين هؤلاء رؤساء الحكومات السابقين عبد الكريم الكباريتي وعبدالرؤوف الروابدة.
الدفاع عن العلاقة مع إسرائيل
في سياق متصل، دافع رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز عن علاقة الأردن مع إسرائيل، وأثارت تصريحاته موجة من الجدل بعدما تحدث عن حاجة الأردن إلى شخص جريء للدفاع عن هذه العلاقة.
كما دافع الفايز بشراسة عن اتفاق التعاون الأخير بين الأردن وإسرائيل الممول إماراتياً، والذي عرف باتفاق الطاقة مقابل المياه.
ويبرر الفايز العلاقة مع إسرائيل من منطلق مصلحة الدولة الأردنية كغياب البدائل للحصول على المياه، وهو ما دفع العديد من الأردنيين إلى وصف هذه التصريحات بأنها تشجيع رسمي على السلام مع إسرائيل، ويتسق مع المزاج الرسمي الذي رفع السرية عن زيارات المسؤولين الإسرائيليين للأردن خلال الآونة الأخيرة، بعدما اتخذت العلاقة بين الطرفين مساراً جديداً وإيجابياً.
وتزامن هذا التسارع في العلاقات الدافئة بين إسرائيل والأردن مع مقالة مثيرة للجدل كتبها ولي العهد الأردني السابق الأمير الحسن بن طلال في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، دعا فيها إلى التقارب بين الطرفين ودفع عملية السلام نحو مبدأ حل الدولتين.
وقبل ذلك كان الأردن يوقع اتفاقاً مهماً لاستيراد الغاز من إسرائيل على الرغم من الاعتراض الشعبي والبرلماني، فيما خير رئيس الوزراء بشر الخصاونة الأردنيين بين الموافقة على اتفاق الماء مقابل الطاقة مع إسرائيل أو العطش الحقيقي، بينما رفض العاهل الأردني التشكيك بمواقف بلاده وجدد تأكيد "مواقف الأردن الثابتة والواضحة تجاه القضية، ودعمه الكامل الأشقاء الفلسطينيين في نيل حقوقهم العادلة والمشروعة".
ترمب وتغيير النظام الأردني
الفايز وهو أحد المقربين من العاهل الأردني الملك عبدالله، كشف أيضاً عن خطط للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لتغيير النظام في الأردن، مشيراً إلى أنه لو عاد للبيت الأبيض فسينفذ خطة وضعها بعنوان تغيير النظام في الأردن.
واعتبر الفايز أن ترمب تعامل بعدائية مع الأردن والعاهل الأردني، بسبب موقفه تجاه كثير من القضايا مثل "صفقة القرن"، متوقعاً عودته للحكم خلال الانتخابات المقبلة، مما يعني حدوث صدام مع النظام الأردني.
وأكد الفايز جدية العاهل الأردني في تحديث المنظومة السياسية وحل مشكلات البطالة والاقتصاد، لكنه في المقابل يقول إنه لم يكن قلقاً على الأردن خلال فترة "الربيع العربي" كما هو الأمر اليوم، واعتبر أن هموم الأردنيين اقتصادية ومعيشية وليست سياسية، وهو ما يدعو إلى القلق.